كنت أعجب لكثير من جلائل الخصال التي يتحلى بها المشايخ في الخلاوي، كعلو همتهم، وتحملهم، وصبرهم، مع شدة ما يجدون من شظف العيش، وقسوة الحال.
ومما كان يتوارد عليّ: أنهم يسمّعون لعدد كبير في وقت واحد، دون أن يند عنهم خطأ لطلابهم!!!
حتى شرفت في أحد مواسم رمضان بصحبة الأخ الجليل الخليفة محمد الريح، شيخ خلوة (ود الفادني)، وهي من أعرق الخلاوي وأميزها في السودان، بل أكاد أجزم بأنها الأفضل على الإطلاق تنظيمًا وإتقاناً وتعليماً.
فكان من محاسن التقدير أن جاورني ليالي في مكة المكرمة، فطرحت عليه تساؤلي، فكان جوابه مؤثرًا جداً في نفسي، وعلمت حينها أنه إلهام من الملك العلام، قال بطريقة التمثيل: حينما تأكل الطعام مع تقلبه في الفم، وكثرة أنواعه: لو دخلت حصاة مهما صغرت، شعرت بها في لحظتها، وتوقفت عن مضغها، وهكذا هم مع القرآن إذا سمعوا أي خطأ في ثنايا التلاوات!!!
وهو مثل دقيق، يوقف على حقيقة ما هم عليه من التوفيق، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ”